سورة السجدة - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (السجدة)


        


قوله عز وجل: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه، وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد بن عقبة لعلي اسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لسانًا، وأحدّ منك سنانًا، وأشجع منك جنانًا، وأملا منك حشوًا في الكتيبة. فقال له علي: اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} ولم يقل: لا يستويان، لأنه لم يرد مؤمنًا واحدًا وفاسقًا واحدًا، بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين. {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى} التي يأوي إليها المؤمنون، {نزلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}.


{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ} أي: سوى العذاب الأكبر، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} قال أبي بن كعب، والضحاك، والحسن، وإبراهيم: {العذاب الأدنى} مصائب الدنيا وأسقامها، وهو رواية الوالبي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال عكرمة عنه: الحدود. وقال مقاتل: الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. وقال ابن مسعود: هو القتل بالسيف يوم بدر وهو قول قتادة والسدي، {دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ} يعني: عذاب الآخرة، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} إلى الإيمان، يعني: من بقي منهم بعد بدر وبعد القحط. قوله عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} يعني: المشركين، {مُنْتَقِمُونَ} {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} يعني: فلا تكن في شك من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس وغيره.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن بشار، أخبرنا غندر، عن شعبة، عن قتادة رحمه الله قال: وقال لي خليفة، أخبرنا يزيد بن زريع، أخبرنا سعيد عن قتادة، عن أبي العالية قال: أخبرنا ابن عم نبيكم- يعني ابن عباس- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت ليلة أسري بي موسى رجلا آدم طوالا جعدًا كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلا مربوعًا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس، ورأيت مالكا خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إيّاه فلا تكن في مرية من لقائه».
أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، أخبرنا عبد الله المحاملي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز، أخبرنا محمد بن يونس، أخبرنا عمر بن حبيب القاضي، أخبرنا سليمان التيمي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أسري بي إلى السماء رأيت موسى يصلي في قبره».
وروينا في المعراج أنه رآه في السماء السادسة ومراجعته في أمر الصلاة.
قال السدي: {فلا تكن في مرية من لقائه}، أي: من تلقي موسى كتاب الله بالرضا والقبول.
{وَجَعَلْنَاهُ} يعني: الكتاب وهو التوراة، وقال قتادة: موسى، {هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}.


{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ} يعني: من بني إسرائيل، {أَئِمَّةً} قادة في الخير يقتدي بهم، يعني: الأنبياء الذين كانوا فيهم. وقال قتادة: أتباع الأنبياء، {يَهْدُونَ} يدعون، {بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} قرأ حمزة والكسائي، بكسر اللام وتخفيف الميم، أي: لصبرهم، وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم، أي: حين صبروا على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر، {وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ} يقضي، {بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} {أَوَلَمْ يَهْدِ} لم يتبين، {لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ} آيات الله وعظائه فيتعظون بها. {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأرْضِ الْجُرُزِ} أي: اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها، قال ابن عباس: هي أرض باليمن. وقال مجاهد: هي أرض بابين، {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ} من العشب والتبن {وَأَنْفُسُهُمْ} من الحبوب والأقوات، {أَفَلا يُبْصِرُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4